ولكننا ربما نتساءل : من أين يستقي النصارى عقيدة التثليث ؟ وهل ورد في الأناجيل التي بين أيديهم شئ عن هذه العقيدة
قبل أن نتكلم في هذا الموضوع نورد أقوال علماء النصارى أنفسهم في الأناجيل يقول هؤلاء العلماء : إن الأناجيل الأربعة المتداولة قد تم اختيارها من بين حوالي مائة إنجيل كانت منتشرة بين النصارى في القرن الرابع الميلادي أما سيدنا عيسى فقد أتى بإنجيل واحد
والملاحظ على هذه الأناجيل التناقض الواضح بين الانجيل والآخر
ولكن من أين أتت هذه التعليمات التي ضمنتها الأناجيل وكيف اختفت الحقيقة ولماذا ؟
للاجابة على ذلك نقول أن المجامع النصرانية كان لها الأثر المدمر على ديانة المسيح وعلى وعلى تعاليمه السمحة الكريمة ففي المجمع الأول ألّهوا عيسى عليه السلام وفي المجمع الثاني ألّهوا الروح القدس عليه السلام وفي المجمع الثالث ألّهوا مريم عليها السلام وفي المجمع الثاني عشر منحوا الكنيسة حق الغفران والحرمان ومنح هذا الحق من تشاء من القساوسة ورجال الكهنوت
يقول رحمة الله الهندي في كتابه إظهار الحق ص ١١٣ : ( إن التوراة الأصلي وكذا الانجيل الأصلي فقدا قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ثم وقع فيهما التحريف حاشا وكلا
وكلام بولس على تقدير صحة النسبة إليه أيضاً ليس بمقبول عندنا لأنه عندنا من الكاذبين الذين كانوا قد ظهروا في الطبقة الأولى وإن كان مقدساً عند أهل التثليث فلا نشتري قوله بحبة !! والحواريون الباقون بعد عروج عيسى عليه السلام إلى السماء نعتقد في حقهم الصلاح ولا نعتقد في حقهم النبوة وأقوالهم عندنا كأقوال المجتهدين الصالحين محتملة الخطأ وفقدان السند المتصل إلى آخر القرن الثاني وفقدان الانجيل العبراني الأصلي لمتى وبقاء ترجمته التي لم يعلم اسم صاحبها أيضاً إلى الآن باليقين ثم وقوع التحريف فيها صارت أسباباً لارتفاع الأمان عن أقوالهم وها هنا سبب ثالث أيضاً وهو أنهم في كثير من الأوقات ما كانوا يفهمون مراد المسيح من أقواله ولوقا ومرقص ليسا من الحواريين ولم يثبت بدليل كونهما من ذوي الالهام )
ثم يقول في ص ١١٤ : ( وأما هذه التواريخ والرسائل الموجودة الآن ليست التوراة والانجيل المذكورين في القرآن فليسا واجبي التسليم بل حكمهما وحكم سائر الكتب من العهد العتيق ان كل رواية من روايتهما إن صدقها القرآن فهي مقبولة يقيناً وإن كذبها القرآن فهي مردودة يقيناً وإن كان القرآن ساكتاً عن التصديق والتكذيب فنسكت عنه فلا نصدق ولا نكذب )
قال المحقق الامام ابن القيم (١) رحمه الله في كتابه هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى : إن هذه التوراة التي بأيدي اليهود فيها من الزيادة والتحريف والنقصان ما لا يخفى على الراسخين في العلم وهم يعلمون قطعاً أن ذلك ليس في التوراة التي أنزلها الله على موسى ولا في الانجيل الذي أنزله على المسيح وكيف يكون في الانجيل الذي أنزله على المسيح قصة صلبه وما جرى له وأنه أصابه كذا وكذا وأنه قام من القبر بعد ثلاث وغير ذلك مما هو من كلام شيوخ النصارى )
———————————
(١) هو العلامة المحقق : أبو عبدالله محمد أبي بكر الزرعي الدمشقي الملقب بشمس الدين المشهور بابن قيم الجوزية ولد في عام (٦٩١ هـ ) وأخذ العلم من كثير من العلماء وعلى رأسهم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
عاصر ابن القيم الجوزية الحروب الصليبية وكان رحمه الله يرد على الفرق الضالة والمضلة حجة وبياناً وحبس مع شيخه ابن تيمية ولم يفرج عنه إلا بعد أن توفي شيخه ابن تيمية رحمه الله
مؤلفاته :
تقدر مؤلفاته حوالي تسعة وخمسين (٥٩) مؤلفاً منها :
١- هداية الحيارى في الرد على اليهود والنصارى
٢- إجتماع الجيوش الاسلامية على غزو المعطلة والجهمية
٣- الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية
٤- زاد المعاد
توفي رحمه الله سنة ٧٥١ هـ وكان عمره ستين عاماً ودفن في دمشق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق