الثلاثاء، 11 مايو 2010

مشوه التاريخ الإسلامي جرجي زيدان (الحلقة الثالثة) مقتطفات من كتبه المشبوهة

تاسعا : تاريخ آداب اللغة العربية
جرجي زيدان ملأ كتابه هذا بالافتراءات , وحشاها بالأباطيل , والكذب والبهتان .
وقد أشار الشيخ الإسكندري إلى أن مما يؤخذ على جرجي زيدان أنه كثير النقل من مستعربي الإفرنج من غير تمحيص لمؤلفاتهم , وأنه يخطئ في الحكم الفني , أي أنه يقرر غير الحقيقة العلمية , وأنه يخطئ في الاستنتاج , وأنه يقيم الدعوى بغير دليل ويخطئ في النقل , وأنه قليل تحري الحقيقة ويروج الدعاوي بغير دليل , وتروج عند المؤلف أقوال الخصوم عن خصومهم وأقوال الكتب الموضوعة لأخبار المجان , أو لذكر عجائب الأمور وغرائبها , وأنه يستدل بجزئية واحدة على الأمر الكلي .
وفي كتاب : (تاريخ العرب قبل الإسلام) أخذ عليه الإسكندري أنه أغفل مدة حكم الفرس في اليمن بعد ذي يزن وكثرة شكه وتردده وتناقضه في أكثر الحوادث , وتخريجه الأعلام تخريجا غريبا واختصاره التاريخ جدا , وإنكار بعض الحقائق البديهية في موضع آخر وتشبثه بتحقيق بعض الظنون في موضع آخر , ومما أخذه عليه ما أسماه (جسارته) في وضع الأسماء والتقسيمات التاريخية , مع ضعف الاستظهار كتقسيم أدوار تاريخ العرب وتسمية الأمة التي سماها (استرابون) اليوناني (جرهين) بالقريتين .
وكذلك أخذ عليه تهجينه أخبار العرب في حوادث الفخر والغلبة , وتصديقه خرافات (استرابون) و (هيردوت) مع أنهما لم يدخلا بلاد العرب ولم يرياها , وكذلك أخذ عليه سوء التعبير من الوجهة الدينية في عبارات الكاتب كقوله : (أقدم المصادر العربية المعروفة عن تاريخ العرب وأقربها إلى الصحة , القرآن).(مجلة المنار-112-ص787-863 وانظر إعادة النظر في كتابات العصريين في ضوء الإسلام :أنور الجندي ص 173-174)
عاشرا : تاريخ التمدن الإسلامي :
قال الشيخ شبلي النعماني(مؤسس ندوة العلماء في لكنهؤ بالهند): إن الدهر دار العجائب , ومن إحدى عجائبه أن رجلا من رجال العصر (جرجي زيدان صاحب الهلال) يؤلف في تاريخ تمدن الإسلام كتابا , يرتكب فيه تحريف الكلم , وتمويه الباطل , وقلب الحكاية , والخيانة في النقل , وتعمد الكذب ما يفوق الحد ويتجاوز النهاية . (مجلة المنار المجلد رقم 15-1330هجرية-1912 م)
قال جرجي في كتابه (تاريخ التمدن الإسلامي) في الجزء الأول : ( إن الغاية التي توخاها المؤلف ليست إلا تحقير الأمة العربية وإبداء مساوئها , ولكن لما كان يخاف ثورة الفتنة , غير مجرى القول ولبس الباطل بالحق ) .
فهو قسم العصر الإسلامي إلى ثلاثة أدوار :
1 – دور الخلفاء الراشدين .
2 – دور بني أمية .
3 – دور بني العباس .
فمدح الأولى ومدح الثالث .
ورأى أن بني أمية ليس لهم وجهة دينية , فلا ناصر لهم ولا مدافع عنهم , فحمل عليهم حملة شعواء فما ترك سيئة إلا وعزاها إليهم , وما وجد حسنة إلا وابتزها منهم .
قال الشيخ العلامة النعماني : ( أيها المؤلف الفاضل ! أليس لك وازع من نفسك , أليس لك رادع من ديانتك , أتجرؤ على مثل هذا الكذب الظاهر المبين الفاحش جهرة ؟ فإنا أبا يوسف ما تكلم في شأن عمال بني أمية ببنت شفة , وإنما ذكر عمال هارون الرشيد وإساءتهم العمل في جباية الخراج .
وكتاب ( الخراج ) لأبي يوسف بين أيدينا , وأن ما استند إليه عن عمال هارون الرشيد , فكيف يأخذ المؤلف أقواله وينقلها من حيث إنها هي الطرق التي كان عمال بني أمية يجمعون الأموال بها ) .
ومن ثم اتهم خليفة المسلمين عمر بن الخطاب أنه أمر بحرق خزانة الإسكندرية قائلا : رغبة العرب في صدر الإسلام في محو كل كتاب غير القرآن . (الجزء الثالث التمدن الإسلامي).
قال النعماني : هذا غير صحيح , وأن المسلمين نظروا في كل الكتب , ونقلوا في تفاسيرهم روايات مختلفة , فيها الغث والثمين مما نقل إليها من الأديان الأخرى , لو كان أهل القرون الأولى يبغضون ما سوى القرآن , ويمحون ما كان قبله من العلم , فمن روى الإسرائيليات وأقاصيص التلمود والتوراة وحشاها التفاسير .
وهذا الزيف هو عادة هذا المستشرق الذي يقلب الحقائق إلى أباطيل فالكتب الموثوقة لدى المسلمين لم تذكر حريق الإسكندرية .
ويدس السم ويزرع العنصرية وهو يصور أن الفرس يحتقرون العرب قبل الإسلام , حيث قال :
إن الفرس كانت قبل الإسلام تحتقر العرب وتزدريهم , ولما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابه إلى كسرى العجم , اشمأز وقال : (عبدي يكتب لي ؟ ) , وكتب يزدجرد إلى سعد بن أبي وقاص فاتح القادسية : إن العرب على شرب ألبان وأكل الضب بلغ بهم الحال إلى أن تمنوا دولة العجم , فأف لك أيها الدهر الدائر ! .
وزعم أن العرب قاموا بانتقاص الموالي وسلبوهم حقوقهم , فقال : إنهم منعوهم من المناصب الدينية المهمة . (التمدن الإسلامي , 4/6 ) .
فرد عليه الشيخ النعماني رحمه الله قائلا : ( إن البلاد التي كانت عواصم الأقاليم وقواعدها في عصر بني أمية كان كل أئمتها من الموالي في مكة عطاء , وفي اليمن طاووس , وفي الشام مكحول , وفي مصر يزيد بن أبي حبيب , وفي خراسان ضحاك بن مزاحم , وفي البصرة الحسن البصري , وكل هؤلاء كانوا من الموالي , ومع كونهم أعجاما وكونهم أولاد الإماء , كانوا سادة الناس وقادتهم , تذعن لهم العرب ويحترمهم خلفاء بني أمية وولاة الأمور ) .
وجرجي زيدان يسير على نهج أسياده المستشرقين ينص على أن عمال بني أمية يستخدمون الجور والشدة , حيث قال : ( وإذا أتى أحدهم بالدراهم ليؤديها في خراجه , يقطع الجابي منها طائفة ويقول : هذا رواجها وصرفها ) .
واستند في هذا على كتاب (الخراج) لأبي يوسف , وعلى تاريخ الطبري , والمعارف لابن قتيبة , والأخبار الطوال للدينوري , وفتوح البلدان للبلاذري , والتاريخ الصغير للبخاري , وثقات ابن حبان , والطبقات الكبرى لابن سعد .
وقال محمد رشيد رضا رحمه الله صاحب المنار : ( إنه أظهر بعد الانقلاب العثماني سنة 1909م نزعة جديدة هي إحياء لمذهب الشعوبية , ذلك أنه زار الأستانة ولقي فيها بعض زعماء الاتحاد والترقي , ثم عاد متشبعا بالنهضة التركية الزائفة , مستنكرا عدم مجاراة العرب لإخوانهم الترك في الانضمام على خطة الاتحاديين التي ترمي إلى تتريك العناصر وإدغام العرب في الترك ) .
وانتظرونا في الحلقة القادمة ونأسف لتأخرنا الطويل عن نشر هذه الحلقة
نفع الله وإياكم وهدانا الله وإياكم إلى سبيل الرشاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق